عن فضيـــحة إستــــاد القـــاهرة .. لنـــــا توضيــــح

بسم الله

تابعت مثل غيرى كل الأسباب والمبررات لفضيحة أمس .. وشاهدت إفتراءات .. بل وشعرت لبعض الوقت أنها تصفية حسابات .. ياسادة ياريت ننظر للأمور بشكل أهدى وأعمق عشان نحلل صح ونوصل للداء ونعالجه

أولا .. عقلية الأولترا

لا ينكر أحد بأن الشغب قديم الازل فى المدرجات المصرية .. ولكنه كان عفوى غير منظم ..شغب محصور فى الإستاد لا يتعداه

الأولترا الحركة الأفضل والأذكى فى مصر وأكثرهم تنظيما .. أضافو للمجتمع شكل جمالى وحضارى رائع من بداية دخولهم فى 2007 لحتى الأن .. الأولترا يبذلون من المجهود فى خدمة ناديهم وإيمانهم بحبه مالا يبذله أحد فى حب أى كيان فى مصر

.. ولكن من الملاحظ بقوة أن فى إنحراف خطير لعقلية الأولترا فى مصر وإتجاهها للهوليجانز من فترة مش قصيرة .. وأنا لا أقصد هنا شغبهم مع أمن المجرم العادلى .

.. كانو وحدهم ضد الأمن والمجتمع الرافض لفكرة التمرد ضد الأمن أو المؤمن بفكرة "ميصحش " والإعلام الذى طالما نافق الداخلية وأمن الدولة لإنكسار أعينهم .. وللحق كان الجروبات تتصدى له نظرا للكبت والقمع الغير مبرر .. القمع الأمنى تعدى حدوده فلم ينحصر فى الإستاد بمنع الأكل والشرب والمياة والأعلام .. بل وصل لإعتقال قادة الجروبين وأهاليهم قبيل مباريات الأهلى والزمالك ومنع التشجيع بمعنى الكلمة فى إحدى المباريات .. فكانت ثورتهم ضد الأمن .. بل أن الأولترا أول من أدخلت على مصر فكرة الدفاع عن النفس ضد الداخلية بل وأسر مصابين منها ورتب النجوم والنسور الذين وقعو فى مباريات عديدة فى مباريات العاصمة والإسكندرية نتيجة لقمعهم وأوامراهم بالضرب المبرح فى الجماهير .. والمتابع يعلم كيف أن الأولترا كانو قوة منظمة ومُحمسة "سنهم يبدأ من 14 إلى مافوق 35" وكانت أرق دائم فى رأس النظام البائد .. لم يحسن التعامل معهم كأى حركة تعلن رفضها للقمع الأمنى .. بل وأنهم بالفعل كانو شرارة من ضمن النيران التى أشعلت الثورة المصرية .. نظرا لإحياء فكرة المقاومة والنضال ضد الداخلية الذين كانو وحشا لا يقهر .. ويقهر المصريين جميعا ..

لم يقف الحراك التمردى فى الأولترا عند هذا الحد .. بل تحول التمرد ضد القمع أو الدفاع عن النفس إلى البلطجة لمجرد البلطجة بينهم وبين أنفسهم .. وده يظهر من إنتشار ظاهرة "الكمين" اللى بتنفذه جروبات أهلاوى والوايت نايتس المحسوبين على الأهلى والزمالك ..

إيه هو الكمين ؟

.. الكمين هو مجموعات من أعضاء الجروب يبقو عارفين أن الجروب المنافس أو بعض منه هيعدى من منطقة معينة .. أو موجود فى منطقة معينة .. فيجهزوا نفسهم لغاية مايجى الضحية ويظهرو مرة واحدة ويتخانقو معاهم .. مفيش مانع من حرق وش بالشمروخ .. ضربة مطوة .. وممكن يقلعو الضحية التيشيرت أو ياخدو منه تذكار بالمناسبة دى .. ده بيحصل بشكل دورى بين الجروبات المتنافسة .. وساعات يعملو هدنة وبعدين ينقضوها .. .. لم يتوقف تمرد الأولترا عند هذا الحد .. بل وصل للإنفجار الغير مبرر بل والبلطجة لمجرد البلطجة .. راجع أحداث متشة الصالات بين جروبات العاصمة والأسكندرية .. راجع أحداث متشة الإسماعيلى والأهلى .. بل راجع أى متش فيه ترحال وسفر بين أى فريق من العاصمة وأى فريق فى محافظة تانية

.. ومرورا بإصابات الأفراد بدءا من حرق "صب ميكس" عضو الوايت نايتس مرورا بأحداث البلطجة بين الجروبين مرورا بإقتحام جروب أهلاوى لملعب زامورا فى إحدى مباريات الناشئين الأمر اللى أدى لإقتحام جروب الوايت نايتس للنادى الأهلى فى متشة الصالة مرورا بالإصابات الخطيرة التى لحقت بأفراد المجموعتين والتى كان آخرها "بلية 15 سنة "عضو جروب الوايت نايتس .. بل يكفى أن تعلم بأن الكمين إستعاد نشاطه وحيويته بعدما تجمد خلال الثورة .. ومن ثم عاد فور تنحى مبارك بأيام وكأن شئ لم يكن .. بعدما إلتحم الجروبين وغيرهم من الشعب المصرى جنب إلى جنب فى ثورة رائعة أشاد بها العالم أجمع

إذن الأولترا المنظمة أدخلت البلطجة كجزأ لا يتجزأ من أدابها .. ولا ينفصل عنها ويطرد من يخالفها وينبذه خارج الجروب .. وإما أن ينخرط معهم وإما أن يبتعد

ثانيا : ما بعد الثورة

.. الشارع المصرى ظل طوال 60 عاما فى ظل الحكم العسكرى لا يعبر عن نفسه أو يشعر بكونه مواطنا "يتحتم" على الحكام أو موظفيهم أن يحترموه .. فتحول هذا الظمأ إلى رغبة ردع ضد كل من قهره أو من سخر من ضعفه وخنوعه .. وخاصة ضد الداخلية التى كان إنتصار الشعب عليها فى 4 أيام لهو إنتصار لا يقل أهمية وسعادة عن إنتصارهم على المخلوع .. والمتابع للشارع بعد الثورة يرى بوضوح التغير الرهيب والجذرى فى معاملة المواطنين للداخلية ورتبها .. لا أنكر أو أرفض إحتقارها .. فستظل موصومة أبد الدهر ودماء الشهداء ستظل ملطخة جبينهم بـ "خونة" .. "رأى شخصى"

.. لـ اللجان الشعبية دور رهيب ورائع فى إلتحام الشعب ضد مؤامرة الداخلية ولكن .. راجع أخر أيام تلك اللجان وكيف الأمر تطور لإنتشار البلطجة بين اللجان وبعضها بل وصل الأمر لأبناء نفس اللجنة .. الأمر الذى كان لابد ومن فضها فورا وقد تم .. ولكن دعنا نفكر هل لم تكن البلطجة موجودة قبل الثورة ؟؟ .. بلى كانت موجودة ولكن ماذا حدث ؟ .. المؤسف أن تفكير شريحة كبيرة من الشارع المصرى إتجهت إلى أن الثورة يعنى ليس بأنك فقط تأخذ حقك .. ولكن بأنك تأخذه ما ليس من حقك عنوة ،، نظرا للفراغ الأمنى وبأن الجميع ثائر فلابد أن تكون يقظ بل وبلطجى لأن البقاء للأقوى .. تلك النظرة لم تلقى التفاعل الإيجابى فى فكر أصحابها .. وإنما لاقت التنفيذ من البعض .. " هل تخيلت يوما قبل الثورة بأن حجم الجرائم سيكون بهذا الحجم القليل لو حدث يوما ما فراغا أمنيا " ؟ .. ومن هنا يتضح بأن الفكرة مازالت فى خوض التفكير للعامة ولم تلقى القبول الإ من أصحابها من البداية ومستحدثيها بعد الثورة ..

النظرة الثورية الخاطئة بأن الفرد مصيب مهما كان إتجاهه يجب علاجها وليس قمعها بأسرع وقت .. فجمال ثورتنا فى سلميتها _لا أدعو للخنوع ولكن أنشد العدل .. فلقد دافعنا عن أنفسنا وهزمنا الداخلية و الوطنى فى معركة الجمل لكننا لم نحدث شغبا يوما فى ثورتنا من أنفسنا .. بل أن سلميتنا رغم عددنا الرهيب كان سر تميزها _ ولا يجب أن ننكس روؤسنا فى الرمال خوفا من شماتة أعداء الثورة .. يجب أن نواجه تلك الفكرة ونعالجها قبل أن تتكاثر وبكثرة فى المجتمع

ثالثا : الإعلام

لم يكن بتر الإعلام هدفا من أهداف الثورة .. لمجرد التغيير .. ولكن بالفعل أن الإعلام لعب دورا دنسا فى مشوار هذه الأمة .. ومثلما كانت الرياضة أقل المتضررين من الثورة .. بالمثل كان الإعلام الرياضى .. هذا الإعلام الذى لم يتورع كباقى تلك المنظومة العفنة على منافقة النظام البائد ومن ثم منافقة الثورة وشبابها ومن ثم الجيش .. هذا الإعلام لن يصلح ولن يغير شئ لأنه كان عامل أساسيا به .. لابد من بتره كما نرغب فى بتر بقية الإعلام .. فشوبير وشلبى والغندور ومصطفى يونس وباقى المؤسسة العفنة لن تصلح شئ فى نفوس الجماهير لأنها مريضة بذات الداء _راجع المادة الإعلامية المقدمة من بعد الثورة وقربها من أسلوب تعامل المواطنين مع الداخلية _ أنهم لم يعتادو سواء على الإشادة المفرطة "عظيم .. عظيم " أو النقد " عيب .. عيب" .. لم يقدمو يوما حلول أو معالجة أو دراسة .. بل كانو دائما ركنا رئيسيا من أركان القمع والجهل للمواطنين وطالمو أستغلوها الكرة فى تجميل جوخ النظام البائد وتغييب مشاهديهم .. الأمر الذى يحتم علينا بترهم كزملائهم من المنافقين والجهلاء فى بقية المنظومة المُلطخة بالنفاق والجهل

.. أخيرا .. دعونا لا نسفه الكارثة .. فليس هناك أسهل من بتر التوأم ومعاقبة المسئول عن حض الجماهير .. ولكن الحدث لم يقتصر على ذلك .. ليس دفاعا عن فرد ولكن أخر من تمنو أن تضيع المباراة أمس هم الأولترا .. بجانب أن الدخلة كرمت تونس فلم يكن العداء فى البال من الأساس

وليس دفاعا أيضا عن التوأم .. فالتوأم مثلهم مثل الإعلام يجب بترهم ومحاكمتهم .. ولكن لأن ماحدث أعمق بكثير من تصريح مدرب جاهل أو مشجع

.. ماحدث أمس نتيجة ماذكر بالأعلى .. البلطجة للبلطجة بجانب النظرة الثورية الخاطئة بجانب الإعلام الذى لايسمن ولا يغنى من جوع .. لابد أن نصارح أنفسنا ونبدأ بالعلاج والأمل فى العلاج قائم _ من نزلو أمس لا يتعدو 6 الآلآف وبقى 50 ألف فى المدرجات بل قام البعض بعمل لجان شعبية لحماية الأمن وهو مايعنى أن الجسد مازال ينبض بالحياة .. فيجب التطهير والعلاج لضمان النجاح

أحمد الله من كل قلبى بأن الدورى ألغى _تخيل معى لو أن هذا المتش ديربى الأهلى والزمالك .. كم سيكون عدد الشهداء ؟ مالايقل عن 20 ألف يتنازعون بأسلحة هى فى "جمب " أغلب المواطنين حاليا .. القرار كان حكيما ودعوت له حقنا للدماء .. ولتطهير عقلية الأولترا مما إستحدثته من بلطجة .. صعب ويحتاج لمجهود شاق ولكن لابد منه ..

ما حدث يتلخص فى منظر كوميدى محزن .. وهو _ الراجل أبو جلابية _ فلا هو فاهم هو بيشجع مين ولا عارف بيعمل إيه .. مجرد أنه شاف الناس نزلت قال وانا كمان هو أنا اكتع .. منا زمالكاوى والزمالكاوية تحت اهو مثله مثل الشارع المصرى الذى سائر دون

" مرشد "!!

اللهم أبعد عنا المرشدين وأتباعهم .

.. أسفين يا تونس .. أسفين يا مصر .. أسفين يا زمالك

احمد البارون