هذا
النوع من الناس يحير جداً... فهو ليس أبيض ولا أسود... لا غربي ولا
شرقي... دائماً ما تجد أمراً ما لنبذه عليه أو لمدحه... انه جوزيه مورينيو،
مدرب اما تعشقه أو تكرهه... لا مجال الى خيار وسطي.
هذا
المدرب البرتغالي الذي نعت نفسه بـ"السبيشال وان" دائماً ما يملك في
جعبته ما يود قوله، ودائماً ما يملك رؤية ورأياً وتحليلاً لا يجرؤ كثيرون
من المدربين غيره على البوح بها، فصار النادي هو، والفريق هو، والنجم هو،
فاذا خسر الريال، فان مورينيو هو الذي خسر، فبعد الخماسية، فانها كانت
أقسى هزيمة لـ"مورينيو"، وبعد الخسارة امام خيخون فانها كانت الاولى
لـ"مورينيو" في 150 مباراة على ارضه، لنكتشف ان الريال العريق بات ثانوياً
في حسابات الكثيرين.
"النادي
أكبر من أي نجم"، مقولة مأثورة في عالم كرة القدم، أكان النجم لاعباً او
مدرباً، لكن الغريب عندما نتحدث عن أكبر ناد في العالم من حيث العراقة
والتاريخ، فان الأمر اختلف، فهل حقاً وصل مورينيو الى مقام الأساطير التي
فاقت شعبيتها الفرق التي تدربها؟
ربما،
لكن حتى هذا الامر يجب ان يكون مشروطاً بعوامل كثيرة كي تحظى بمثل هذه
المعاملة... أهمها الولاء، فعندما نتحدث عن أليكس فيرغسون فاننا نتحدث عن
حقبة ذهبية في تاريخ مانشستر يونايتد صنعها هذا الرجل الذي لم يفكر يوما
بهجر النادي الى آخر، لكن هذا الامر لا ينطبق على المدرب البرتغالي، الذي
لا يتوانى عن البحث عن مصلحته، والمؤشرات والدلائل هذا الموسم كانت كثيرة.
أدرك
مورينيو ان مغامرة اعادة الريال الى القمة انعكست عليه بالسلب، فهو خسر
أكثر مما ربح، فتعرض لأقسى هزيمة في تاريخه مدرباً (0-5 برشلونة) وذاق طعم
الهزيمة الاولى على ارضه منذ 9 سنوات (0-1 خيخون)، مثلما أدرك ان أسلوبه
التدريبي الذي يعتمد على النجوم الجاهزين وتحميسهم وتعزيز العلاقة معهم قد
لا تكفي في بعض الاحيان، وانه بحاجة الى ان يكون مدرباً بمعنى الكلمة،
بحيث يصنع النجوم من اكاديميته ويصقلهم ويصبر عليهم ويترك بصمته على ناد
وليس على فريق اول فقط، لكن هذا ليس أسلوب مورينيو، وهنا نعود الى عامل
الولاء، فالرجل بكل بساطة يعتبر نفسه خبيراً متنقلاً يعالج الازمات في
احلك الأوقات، فيأتي الى هذا النادي، يصرف الملايين على نجوم جدد ويحقق
اللقب... ثم يرحل.
عندما
يسمع مشجع ان مدرب فريقه لا يمانع في تدريب هذا الفريق او ذاك فان الثقة
في هذا المدرب تصبح محل شك، فقبل فترة صرح مورينيو لصحيفة "لوكيب"
الفرنسية انه كان على وشك تدريب باريس سان جيرمان، وفي حوار مع مجلة
"سبورتس اولستريتد" الاميركية قال "أرى نفسي ادرب في الولايات المتحدة كي
أطور اللعبة"، رغم صعوبة تخيل مورينيو مع أحد الفرق الاميركية، وبين هذين
التصريحين كان مورينيو يجلس في فندق في وسط لندن يخطب بحشد عن عشقه للكرة
الانكليزية وانه يتوق الى العودة في أسرع فرصة ممكنة لان هناك ما يود ان
ينجزه، وقبلها أعلن انه سيخلف فيرغسون في تدريب المان يو.
هذا
ما يعشق مورينيو فعله، التحدث عن نفسه وعما يود أن يفعله أكثر من الحديث
عن فريقه الحالي ومستقبله معه، ولا ننسى وعده بتدريب المنتخب البرتغالي
قبل اعتزاله، مثلما فاجأ فابيو كابيلو عندما كشف انه كان على بعد ساعات من
تدريب المنتخب الانكليزي قبل تعيين الايطالي، رغم ان مسؤولاً في الاتحاد
الانكليزي كشف ان المحادثات مع وكيل اعمال مورينيو في 2007 بدأت وانتهت في
اقل من 48 ساعة، اي انها لم ترتق حتى الى مفاوضات فكيف بشبه اتفاق يبعد
ساعات عن التحقيق؟
هذا
بالضبط ما يريده مورينيو... أن يظل التركيز على شخصه، وهو يعلم انه بمجرد
ادلائه بمثل هذه التصريحات فان مندوبين عن باريس سان جيرمان والاتحاد
الاميركي ومانشستر يونايتد وجاره سيتي والاتحادين الانكليزي والبرتغالي،
سيزورون وكيل اعماله للتأكد من مدى صحة تصريحاته ونيته المستقبلية.
هذه
العقلية قد تسعد لحظة لكنها لا تدوم، وقد يكتشف كريستيانو رونالدو ومسعود
اوزيل وانخيل دي ماريا ان لهم الحق أيضاً لان يكونوا في الواجهة وعلى
صفحات الجرائد بتصريحات نارية، مثلما سيكتشف الريال انه أكبر من أي مدرب.